كتابات وآراء


23 أبريل, 2018 01:00:00 م

كُتب بواسطة : زكي عثمان - ارشيف الكاتب


ز

 

تـمـهيـد :

من المعلوم أنالأمين العام للأمم قد عين جمال بن عمر مبعوثا خاص له لليمن في أبريل 2011 على أثرإندلاع ثورة شعبية ضد نظام صالح حينها و الذي كلف حينها بمهمة الوساطة بين الأطرافاليمنية لضمان إنتقال سلمي للسلطة ، و الذي عمل بالشراكة مع دول الخليج لضمانتوقيع الأطراف على المبادرة الخليجية و آليتها التنفيذية و التي إقرارها في قرارمجلس الأمن الدولي رقم ( 2014) بتاريخ 21 أكتوبر 2011، علىالرغم من كونها لم تتطرق للقضية الجنوبية و لكن تم إدراجها لاحقا في أجندة الحوارالوطني الذي كان الهدف الرئيسي منه معالجة المشاكل الرئيسية لليمن لضمان عدمإنهيار إتفاق إنتقال السلطة المدرج في إطار المبادرة الخليجية من خلال العبوربفترة إنتقالية ناجحة تتوج بالتوقيع على مخرجات الحوار الوطني و تضمينها في دستورجديد يتم الإستفتاء عليه و تنتهي بإنتخابات رئأسية و برلمانية جديدة. و برغم منمقاطعة الكثير من فصائل الحراك الجنوبي إلا أن الفصيل الوحيد المشارك حقق مكاسبسياسية للجنوب في الحوار الوطني و لكن ذلك الإنجاز لم يكتمل لتعنت المكوناتالسياسية الشمالية و إصرارها على رفض مقترح ذلك الفصيل الجنوبي بمشروع دولةإتحادية من إقليمين مما إضطر معه الفصيل الجنوبي الحراكي إلى الإنسحاب سلميا منالحوار الوطني و رفض التوقيع على مخرجاته ، على عكس ما قامت به الفصائل الشماليةالمشاركة في الحوار التي ناورت و وقعت على مخرجات الحوار الوطني و قرار الرئيسالإنتقالي هادي بفرض مشروع الستة أقاليم الذي أثار إعتراض الجنوبيين عموما لأنهيؤدي إلى تقسيم الجنوب إلى أقليمين ، كما أثار ايضا إحتجاج حركة أنصار الله من حيثحدود الأقليم الذي يقعون في إطاره .

إن قيام حركةأنصار الله بإجتياح العاصمة صنعاء في سبتمبر 2014 و تغير المعطيات على الأرض أجبرالمبعوث الأمين العام للأمم المتحدة لليمن لإعتماد تفسيرا مرنا و واسعا لولايتهبهدف ضمان إستكمال المرحلة الإنتقالية مما إضطره للعب دور الوساطة بين الرئيس هاديو حركة أنصار الله و توقيع إتفاق السلم و الشراكة و الذي يعد إتقلابا على المبادرةالخليجية تم إستكمال فصوله في يناير 2015 عندما قامت حركة أنصار الله بوضع الرئيسالانتقالي هادي تحت الإقامة الجبرية.

و لكن ولايةالمبعوث الدولي تعرضت تغيرت تماما بعد إتدلاع الحرب في اليمن في مارس 2015 عندماتوجهت قوات المليشيات الإنقلابيه لإجتياح العاصمة الموقتة عدن ، عندما أصدر مجلسالأمن قرار رقم 2216 في 14 أبريل 2015 و الذي تستند عليه ولاية المبعوثالدولي السابق إسماعيل ولد الشيخ و المبعوث الحالي مارتن جريفيث.

و بناء علىالمعطيات السابقة نناقش هنا تحديات و فرص المجلس الإنتقالي الجنوبي كممثل شرعيللقضية الجنوبية:

التحديات :

1.      إنالتفسير الضيق لقرار مجلس الأمن الدولي 2216 الصادر في أبريل 2015 تحت البندالسابع و الذي على أساسه تستند ولاية المبعوث الدولي يعد أحد أهم العقبات الرئيسيةالتي من المطلوب تجاوزها في مرحلة الإعداد للمسار التفاوضي حيث أدان هذا القراراعمال العنف و الإستيلاء على مؤسسات و اسلحة الدولة من قبل مليشيات الحوثيين وصالح و دعا إلى إنسحابها . إن هذا القرار و الذي إستند على القرارات و البياناتالرئاسية الصادرة من مجلس الأمن يقر الإعتراف بهادي رئيسا شرعيا لليمن و يقربالمبادرة الخليجية و آليتها التنفيذية و يعتبر ما حصل من الحوثيين إنقلابا وبالتالي فإن من مفهوم السياق فإنه اعطي الضوء الأخضر للتدخل العسكري للتحالفالعربي في اليمن لوقف إعتداءات مليشيات الحوثيين و صالح ، و اعطي المبعوث الدوليالإختصاص لمساعدة اطراف الصراع للوصول إلى حل سلمي عبر مشاورات سلام مباشرة. لكن هذاالتفسير الضيق لهذا القرار تعامل مع اطراف الصراع اليمنية على أنها الحكومةالمعترف بها دوليا و القوى السياسية و العسكرية المتحالف معها من ناحية و القوىالإنقلابية المتمثلة بتحالف الحوثي – صالح .  

2.     نظرا لتفاقم الأزمة الإنسانية فإن المجتمعالدولي اصبح يعطي أولوية أكبر لوقف الحرب و الوصول لإتفاق سلام بين الاطرافاليمنية بسقف مشترك حيث يصعب عليه حل جميع القضايا في مشاروات السلام لذلك سيسعىالمبعوث أولا للوصول لإتفاق وقف إطلاق نار دائم و تشكيل لجنة  لمراقبته بالتزامن مع إتفاق على الترتيباتالأمنية لتثبيت مواقع القوات في مواضعها. ثم سينتقل لإجراءات بناء الثقة و التيتشمل تبادل الاسري و اطلاق المعتقلين و فتح المنافذ البحرية و البرية و الجوية ومنها مطار صنعاء و ميناء الحديدة للمساعدات الإنسانية. و بعد تنقيذ هذة الأتفاقاتتبدأ مرحلة مشاورات السلام للوصول لإتفاق سلام نهائي . و من الواضح أن المرحلتينالاولي و الثانية لا تتعاطى مع القضية الجنوبية بشكل مباشرو لكن هذا لا يعني انيهمل المجلس الإنتقالي الإهتمام بهذة المرحلة لأن قوات المقاومة الجنوبية هي جزءأساسي من مرحلة اتفاق الترتيبات الأمنية. بينما تتمثل المرحلة الثالثة ( مشاوراتالسلام ) هي المرحلة الأهم للقضية الجنوبية .

3.     إن كل قرارات مجلس الأمن الدولي بخصوص الصراعفي اليمن منذ 2011 تشدد على موضوع إحترام وحدة الأراضي اليمنية.

4.     إن مطلب المفاوضات على مسألة إستقلال الجنوبقد ينظر لها على أنها قد تؤخر مسالة الوصول لإتفاق سلام في اليمن و كما قلت سابقاإن الأولوية حاليا هي لوقف الحرب خصوصا أن معاناة المدنيين تشكل عام ضاغط علىاطراف الصراع للتعجيل بالوصول لحل. و السؤال الجوهري المطلوب من الإنتقالي الإجابةعليه في هذا السياق كيف ينظر الإنتقالي لإمكانية الوصول لحل معقول في إطار إتفاقسلام شامل في اليمن حلا يوفق بين إنهاء الحرب و تلبية مطالب الجنوبيين بالإستقلال.

5.     على الرغم من اقرار المبعوث الجديد لليمن بأنلا سلام مستدام في اليمن من دون الاستماع لمطالب الجنوبيين فإن الانتقالي يواجهتحديا في مسألة الإعتراف به ممثلا شرعيا و وحيدا لقضية الجنوب، حيث أن هناك مؤشراتعلى ان المبعوث و الدول الدائمة العضوية في مجلس الأمن لا تتفق مع هذا الطرح فيحصر تمثيل الجنوب في الإنتقالي بل بوفد جنوبي مشترك، و ظهر ذلك في إحاطة المبعوثالأخيرة هذا الشهر عندما تحدث عن لقاءاته بمجموعات جنوبية.

لكن السؤال الذي يطرح نفسه من هي تلك الأطراف الجنوبيةالتي قد تدعي لتمثيل الجنوب بجانب الإنتقالي.

 

 

الفرص :

1.     بروز الإنتقالي كمكون سياسي يحضى بدعم شعبيواسع في الجنوب ، مكتمل التشكيل التنظيمي، و مدعوم عسكريا و أمنيا بقوات المقاومةالجنوبية المنتشرة في الجنوب.

2.     فراغ الساحة الجنوبية من مكونات سياسية اخريتحظي بتمثيل حقيقي يوازي تمثيل الإنتقالي.

3.     حدوث تغييرات ميدانية بين أطراف الصراع فيديسمبر في صنعاء و يناير في عدن افرزت واقعا جديدا للتحالفات . و مما لوحظ فيالأحاطة المقدمة من المبعوث أنه اغفل ذكر الموتمر الشعبي العام.

4.     إقرار المبعوث الدولي في إحاطته أمام مجلسالأمن أن لا سلام في اليمن بدون الإستماع للجنوبيين.

5.     إسقاط المبعوث الدولي في إحاطته لذكرالمرجعيات الثلاث التي تشترطها حكومة هادي كأساس للحل في اليمن ( المبادرةالخليجية و أليتها التنفيذية ، مخرجات الحوار الوطني ، و قرار مجلس الأمن 2216) .إن هذا الاغفال جاء في سياق مطالبته جميع الأطراف بتقديم تنازلات و عدم وضع شروطمسبقة للدخول في مشاورات سلام ، علما بأنه ليس المقصود من هذا الأغفال التراجع عنالقرار 2216 لأنه يعد أساس ولاية المبعوث و مسألة تغيير هذا القرار او استبدالهبقرار أخر هي مسألة عائدة لمجلس الأمن. لكن يبدو ان هذا الاغفال يدخل ايضا في إطارتفهم المبعوث للتغيرات الحاصلة على الارض و ضرورة الوصول لوقف الحرب.

6.     إن مسألة شرعية الرئيس هادي لا يمكن التعاطيمعها لما لا نهاية لأن الحقيقة الدستورية أن هادي كان رئيسا إنتقاليا لمدة عامينأنتهت فعليا في فبراير 2014 و تم التجديد له بطريقة إستثنائية مع توقيع مخرجاتالحوار لمدة عام فقط. أن مسألة الشرعية هي قضية مزدوجة فهي من ناحية مسألة حيويةللتحالف العربي الذي تعتمد حججه في التدخل في اليمن على مسأله تقديم المساعدةلإستعادة الشرعية في اليمن بطلب من الرئيس الشرعي ، و من ناحية أخرى فإن زوالصلاحية شرعية هادي تقود إلى واقع جديدا تصير فيه كل الأطراف فاقدة للشرعيةالدستورية و بالتالي يتم التعاطي حينها مع القوى الموثرة الموجودة في الميدانلتحقيق السلام ( الشرعية الشعبية و العسكرية) و في هذة الحالة فإن الإنتقالي والحوثيون هما الطرفان المستفيدان من زوال شرعية الرئيس هادي . و هنا أود الإشارة للصراعالليبي حيث ظل مجلس الأمن و المجتمع الدولي يتعامل مع مجلس النواب في طبرق والحكومة المكلفة من قبله بأنهم المعترف بهم دوليا منذ إندلاع الصراع في يوليو 2014و حتى إنتهاء مدة مجلس النواب الشرعي في 2016 و عندها توقفت الأطراف الدولية عنوصفه بمجلس النواب الشرعي و بقي التعامل مع طرفي صراع في الشرق و الغرب الليبييتنازعان شرعية السلاح و يسعيان لشرعية مفاوضات السلام .

 

 

التوصيات :

  

1.     أن يتقدم الإنتقالي بخارطة طريق لحل القضيةالجنوبية في إطار حل شامل للصراع في اليمن يتضمن مقترحات متكاملة تتعاطى مع كلمرحلة من مراحل العملية السلمية إبتدءا بإتفاق وقف إطلاق النار ، مرورا بالترتيباتالأمنية و إجراءات بناء الثقة ، وصولا للمشاورات السلام و مراقبة تنفيذه و ذلك فيظرف نهاية شهر مايو 2018 حيث أن المبعوث الأممي قد ذكر في إحاطته أن سيعمل علىتقديم إطار لعملية سلام شاملة في اليمن خلال شهرين تقدم للأمين العام للأممالمتحدة و مجلس الأمن في إحاطته القادمة في شهر يونيو.

2.     أن يصر الإنتقالي على مطالبه بوفد مستقللتمثيل الجنوب.

3.     أن يعمل الإنتقالي على تجهيز وفد مفاوضات منشخصيات محترفة في السياسة الدولية و الداخلية مدعوما بفرق دعم فني في مجالات حقوقالإنسان ، الإعلام ، الإقتصاد، القانون ، الأمن و القوات المسلحة ، على ان يضمنمشاركة فاعلة للمرأة و الشباب في وفد المفاوضات الخاص به و فرق الدعم الفنيالمذكورة.

4.     أن يستعد الإنتقالي لإحتمال أن يتم توجيهالدعوة لوفد جنوبي مشترك للمشاركة في مشاورات السلام يكون فيه الإنتقالي أحد الأطرافالرئيسية للوفد الجنوبي و لكنه ليس الوحيد. ربما قد يكون من الأفضل أن يفكرالإنتقالي من الأن في الشخصيات و الأطراف الجنوبية التي يرغب في عقد شراكة معها وتوقيع إتفاق مبادىء في حال واجه هذا الخيار. و لهذا يقع على عاتق الإنتقالي قيادةحوار جنوبي-جنوبي لتحقيق تحالف أوسع مع أطياف جنوبية ممن تشترك معه في الاهداف ولكن تفضل البقاء خارج إطاره التنظيمي.  

5.     أن يعمل الإنتقالي على المساهمة في تحسينحالة الامن و الخدمات في الجنوب لضمان تقديم صورة أفضل عن كونه شريك سلام يمكنالإعتماد عليه.

6.     أن يطعم الإنتقالي دائرته للعلاقات الخارجيةبشخصيات ذات كفاءات مميزة في مجالات العلاقات الدولية ، القانون الدولي ، الدراساتالإستراتيجية، الإعلام الدولي ، و حقوق الإنسان على أن يكونوا ممن يتحدثون اللغاتو يقيمون في مناطق مهمة لمصادر القرار الدولي و منها مثلا نيويورك ، جينيف ، بروكسل، لندن ، بون ، باريس ، بكين ، موسكو ، القاهرة ، الرياض ، أبوظبي ـ لضمان تعزيزمشاركة الإنتقالي في الفعاليات الدولية و التشبيك مع جهات دولية متنوعة لتكوينصورة إيجابية عنه و عن القضية الجنوبية بما من شأنه أن يشكل وسيلة ضغط على مكتبالمبعوث و حكومات الدول الكبري.